وقال علاوي في كلمة له على هامش اجتماعات فصل الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن، وتابعه “التطورات العراقیة”، إن “الغرض الرئيس من زيارته لواشنطن والمشاركة في الاجتماعات مع فريق متكامل من وزارة المالية والبنوك الكبرى هو تعزيز وتعميق علاقتنا مع الوكالات الدولية”.
وأضاف، أن “الفريق يجري محادثات مع وزارة الخزانة الأمريكية، إذ أن هناك بعض القضايا المهمة والعالقة، التي لا تتعلق بالدعم المالي الأمريكي، لأننا لحسن الحظ لسنا بحاجة ماسة الآن للدعم المالي، ولكننا بحاجة أكثر إلى المساعدة الفنية والدعم المعنوي لبرنامجنا الإصلاحي، والذي تم تضمينه فيما نسميه الورقة البيضاء”.
وأضاف، “لا أتوقع إبرام أي اتفاقيات اقتصادية كبيرة مع الولايات المتحدة، لأن لدينا اتفاقية الإطار الاستراتيجي ونحن مكتفون بها ونرحب بمواصلة الدعم الأمريكي للتنمية الاقتصادية للعراق، ولكن التركيز الآن هو أكثر على ما يمكن أن نسميه البرامج والخطط بدلاً من الاموال”.
وتابع أن “ما نحتاجه، هو ثورة في إدارتنا المالية، في فهمنا للقضايا الاستراتيجية، والقضايا الاقتصادية التي تواجه البلاد”، مضيفا، “لقد فاتتنا العديد من الفرص التي كانت ستخرج البلد من أدائها الاقتصادي السيئ والعراق فاته على الأرجح ما يعادل 50 عامًا من التقدم الاقتصادي”.
وأكد، “نحن عالقون في مشكلات موروثة يجب معالجتها، تقريبا جميعها مرتبطة بالمؤسسات”، مبينا أن الاستفادة من موارد البلد وموقعه الاستراتيجي تحتم التخطيط لإعادة هندسة الاقتصاد ليأخذنا إلى ما بعد عصر النفط، إذ أن هناك قضايا وتحديات كبيرة تواجهنا وتواجه الحكومة المقبلة ومن سيكون مسؤولاً عن الفريق الاقتصادي فيها”.
وحول الورقة البيضاء أكد علاوي أن “عام 2020 مثل أصعب فترة اقتصادية مررنا بها ومنذ عام 2003 مررنا بفترة احتضار مكنتنا من رؤية المستقبل الذي ستنهار فيه أسعار النفط وينخفض الطلب العالمي لذلك كان عام 2020 بمثابة لمحة عما يمكن أن يحدث، وكان لحظة ادرك خطيرة للغاية، وأحد العوامل التي دفعتنا إلى النظر في القضايا الهيكلية التي تؤثر على الاقتصاد العراقي”.
وتابع أن “الورقة البيضاء يمكن اختزالها الى جوهرها على أنها (برنامج استراتيجي لإصلاح القطاع العام الحكومي) والسبب الذي دفعني الى الاعتقاد أن القطاع العام بحاجة إلى الإصلاح هو أنه تهيمن على البلاد قضايا إرثية فرضت على الدولة هياكل معينة، منها اقتصاد تسيطر عليه الدولة، والتي على الرغم من كل الخطابات طوال العشرين عامًا الماضية لم تنجح في تنمية القطاع الخاص والانتقال الى اقتصاد حر لذلك كنا بحاجة إلى معالجة هذه المشكلة”.
وبين، أنه “نحتاج إلى قطاع عام من شأنه أن يخلق بيئة مواتية تنعش القطاع خاص”، مؤكدا أن “هناك سلسلة كاملة من الإصلاحات فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية والسياسات والاستراتيجيات والقوانين التي كانت بحاجة إلى تغيير جذري وأحصينا 600 نقطة إصلاح، يجب تنفيذها على مدى خمس سنوات”.
ونوه إلى أنه “في عام 2020، كما قلت، عندما مررنا بتجارب قريبة من الموت، كانت نفقات الحكومة تتطلب ما قيمته 70 دولارًا من النفط إذا التزمنا بنسبة البيع التي يسمح بها أوبك وهي 2.8 مليون برميل في اليوم وقد هبط سعر البرميل دون هذا بكثير وقمنا ببيع شحنة نفط مقابل 9 دولارات فقط لذا يمكن أن تتخيل الضغوط التي فُرضت على المالية العامة”.
وشدد على أن “التمويل العام بالغ الأهمية لإنه المكون الرئيس للاقتصاد الذي يدعم إجمالي الناتج المحلي بدلاً من الدخول في قروض دولية تضع العراق تحت رحمة الوكالات الدولية وهنا قررنا مواجهة الأمر وتصميم برنامج في فترة زمنية محددة، لينتج في نهاية المطاف قطاعا عاما مختلفا جذريا؛ يحمل رؤية استراتيجية جديدة للبلاد”.
وأردف بأنه، “ذلك ضمن سلسلة مقترحات للحكومة، تمت الموافقة على الورقة البيضاء كحزمة بأكملها وأصبحت سياسة حكومية ثم حظيت بتأييد برلماني قوي من جميع القوى السياسية الرئيسة واللجنة المالية والاقتصادية المختلفة دعمت الورقة البيضاء، لذا فقد أصبحت سياسة حكومية”، موضحا أنه “في عام 2021، بدأنا عملية التنفيذ الفعلي لتوصيات الورقة البيضاء وأنشأنا وحدة ملحقة بمكتب رئيس الوزراء، وهي الآن مزودة بكادر كامل ليكون لهذه الوحدة ممثلون خاصون بها في جميع الوزارات الرئيسة التي ستشرف على عملية التنفيذ”.
وأضاف، أن “ما نحتاج إلى القيام به الآن هو ضمان استمرار الزخم ودعم المجتمع الدولي ونحتاج إلى مساعدة فنية كبيرة على شكل متخصصين مستعدين للالتزام ولا نريد تسليم المهمة إلى مستشارين يأتون بشكل مؤقت لبضعة أسابيع أو أشهر بل يجب أن تكون هناك استمرارية لذلك نحن نتطلع إلى مجموعة الاتصال الدولية لتقديم قاعدة دعم من الخبراء التقنيين”.
وحول العلاقات الثلاثية بين العراق ومصر والأردن أكد علاوي أن “العلاقات تركز بالدرجة الأولى على الملف السياسي وقد يكون للتبادل الاقتصادي دور اقل في الوقت الحالي ولا يزال الحديث عن سوق مشتركة أو محاولة انشاء سوق مشترك في مراحله الأولية”.
وتابع وزير المالية، “هناك بعض الآراء تؤمن بإمكانية توسيع محور العراق والأردن ومصر لاحقًا ليشمل البلدان الأخرى من بلاد الشام وزرع بذور لسوق المشتركة من شأنها أن تسمح، مع مرور الوقت، بحرية حركة اليد العاملة ورأس المال وتوحيد قواعد التجارة وقواعد الاستيراد”.
وبين أنه، “ننتظر تشكيل الحكومة الجديدة ونعتزم إنتاج ورقة عمل من شأنها أن تحدد إيجابيات وسلبيات هذا النوع المعين من الاسواق أو منطقة التجارة الحرة أو السوق المشتركة، لكن أعتقد أن العراق يجب أن يقرر في مرحلة ما نوع الإطار الاقتصادي الأكبر والأوسع الذي ينبغي وضعه”.